" بَيْنَا فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ قَدَّمَ عَلَفَ نَاضِحِهِ، وَأَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ صَلاَةَ العشَاء، فَتَرَكَ الْفَتَى عَلَفَهُ، فَقَامَ فَتَوضَّأَ وَحَضَر الصَّلاَةَ، وَافْتَتَحَ مُعَاذٌ بِسُورَة الْبَقَرَةِ، فَصَلَّى الْفَتَى، وَتَرَكَ مُعَاذًا وانْصَرفَ إِلى نَاضحِهِ فَعَلَفَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مُعَاذٌ جَاءَ الْفَتى فَسَبَّهُ (* *) وَنَقَصَهُ، ثُمَّ قَالَ: لآتِيَنَّ نَبِىَّ الله ﷺ فَأُخبِرَهُ خَبَرَكَ، فَقَالَ الفتى: أَنَا وَالله لآتيَنَّهُ، فَلأُخْبِرَنَّهُ خَبَرَكَ، فَأَصْبَحَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِىِّ ﷺ فَذَكَرَ لَهُ مُعَاذٌ شَأنَهُ، فَقَالَ الْفَتَىَ: إِنَّا أَهْلُ عَمَل وشُغْلٍ فَطَوَّلَ عَلَيْنَا، اسْتَفْتَح بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : يَا مُعَاذُ! أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فَتَّانًا؟ ! إِذَا أَمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأ {بِسَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} وَ {الَّليْلِ إِذَا
يَغْشَى}، {وَاقْرَأ باسْمِ ربِّكَ}، {وَالضُّحَى}، وبِهَذَا النَّحْوِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عُبَيْد بْنِ عُمَر: فَدعا النَّبِىُّ ﷺ الْفَتَى فَقالَ: يَا مُعاذ! ادع، فَدعَا، فَقالَ للْفَتى: ادعُ، فَقَالَ: وَالله لاَ أَدْرِى مَا دَنْدَنَتكُمَا (*) هَذِهِ غَيْرَ أَنِّى والله لَئِنْ لَقِيت الْعَدُوَّ لأَصْدُقَنَّ الله، فَلَقِىَ الْعَدُوَّ فَاسْتُشْهِدَ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : صَدَقَ الله فَصَدَّقَهُ الله ".