"عَنْ ابن أَبِى لَبيبَةَ قَالَ: جِئْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِى عَنْ أَمْرٍ الأُمُورُ كُلُّهَا لَهُ تَبَعٌ عَنْ صَلَاتِنَا الَّتِى لَابُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَالَ: أَتَقْرَأُ مِنَ الْقُرآنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرأ، فَقَرَأتُ لَهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَقَالَ: هَذِهِ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِى يَقُولُ الله -تَعَالَى-:
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} قال لى: أَتَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأَ عَلَيَّ آيَةَ الوُضُوءِ، فَقَرَأتُهَا فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ عَرَفْتَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، أَمَا سَمِعْت الله تَعَالَى - يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ؟ أَتَدْرَيِ مَا دُلُوكُهَا؟ قلْتُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْن السَّمَاءِ بَعْدَ نِصَفِ النَّهَارِ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلِّ الظُّهْرَ حِينَئِذٍ، وَصَلِّ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ تجَدُ لَهَا مَسًا، قَالَ: أَتَدْرِي مَا غَسَقُ اللَّيْلِ؟ قال: غُرُوبُ الشَّمْسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فاحدرها فيِ أَثَرِهَا، ثُمَّ احْدُرْهَا فيِ أَثَرَهَا وَصَلِّ الْعِشَاءَ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ إدلأم اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبيْن ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَصَلِّ الْفَجْرَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، أَتَعْرِفُ الْفَجْرَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ألَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: هُوَ إِذَا اصْطَفَقَ الأُفُقُ بِالْبَيَاضِ، قَالَ: نَعَمْ، فَصَلِّها حِيَنئِذٍ إِلَى السَّدَفِ ، ثُمَّ إلَى السَّدَفِ، ثُمَّ إِلَى السَّدَف، وَإِيَّاكَ وَالْحَبْوَةَ وَالإِقْعَاءَ ، وَتَحَفَّظْ مِنَ السَّهْوِ حَتَّى تَفْرُغَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، قَال: أَمَا سَمِعْتَ الله -تَعَالَى- يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} فَذَكَرَ الصَّلَواتِ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} أَلَا وَهِيَ الْعَصْرُ، أَلَا وَهِيَ الْعَصْرُ".