"عن محمدِ بنِ عَقِيل قالَ: خَطَبنا عَلِى بنُ أبى طَالب فقالَ: أيها الناسُ أخبِرونى مَن أشَجعُ الناسِ؟ قَالوا: أنتَ يا أميرَ المؤمنينَ، قالَ: أمَا إِنِّى مَا بَارزْتُ أَحَدًا إلا انتصفت منه، وَلكنْ أخْبِرونى بِأشجع النَّاسِ؟ قَالُوا: لاَ نَعْلَمُ، فَمَنْ؟ قالَ: أبو بكرٍ إنه كانَ يوم بَدرٍ جَعَلنَا لِرَسول الله ﷺ عَرِيشًا، فَقُلنَا: منْ يكونُ مَعَ رسول الله ﷺ لِئَلاَّ يَهْوِىَ إلَيْه أَحَد مِنَ المُشْرِكينَ؟ ! فَوَالله مَا دَنَا مِنا أَحَد إلا أبو بَكْرٍ شَاهرًا بِالسيْفِ علَى رَأسِ رَسولِ الله ﷺ لا يْهوِى إلَيْهِ أحَد إلا أهْوَى إلَيْهِ، فَهدا أشَجعُ
النَّاسِ، وَلَقْد رَأيتُ رَسُولَ الله ﷺ وَأَخَذَتْهُ قُرَيشٌ فَهذَا يَجَأُه (*) وَهَذا يُتَلتِلُه (* *) وَهُم يقولُونَ: أنْتَ الَّذِى جَعَلتَ الآلِهَةَ إلَهًا وَاحِدًا؟ ! فَوَالله مَا دَنَا مِنَّا أَحَدٌ إلا أبَو بَكْرٍ، يَضْرِبُ هَذَا وَيَجَأُ هَذَا، وَيُتَلتِلُ هَذا وهو يَقولُ: وَيْلَكُم ... ! اأتَقْتلُون رَجُلًا أنْ يَقول ربِّى الله؟ ثم رَفَع عَلِى بُرْدَةً كانتْ عَلَيْه فَبَكى حتى اخْضَلَّتْ لِحيتُه، ثُمَّ قَالَ: أنشُدُكم أَمُؤْمِن آلِ فِرْعونَ خَيرٌ أَمْ أَبُو بكرٍ؟ فَسكَت القَومُ، فَقَالَ: ألا تُجيبُونِى؟ فَو الله لَسَاعَةٌ مِنْ أبِى بَكْرٍ خَيْر مِن مِثْلِ مُؤمِنِ آلِ فِرْعَونَ، ذَاكَ رَجُل يَكْتُمُ إِيمَانَه، وَهَذا رَجُلٌ أَعْلَنَ إيمانَهُ".