"عَنْ أَبي مَطرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَجُلٌ يُنَادِي خَلْفِي: ارْفَعْ إزارَكَ، فَإِنَّهُ أَتْقَي لرَبِّكَ، وأَنْقَى لِثَوبِكَ وَخُذْ مِنْ رَأسِكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا، فإذَا هُوَ علِيٌّ وَمَعَهُ الدِّرَّةُ فانْتَهَى إلى سُوقِ الإِبِلِ فَقَالَ: بيعُوا ولا تَحْلِفُوا فإنَّ الْيَمِينَ تُنَفِّقُ السِّلْعَة وَتَمْحَقُ الْبَرَكَةَ، ثُمَّ أَتَي صَاحِبَ التَّمرِ فإذَا خَادِمٌ تَبْكِي قَالَ: ما شَأنُك؟ قَالَتْ: بَاعَنِي هَذَا تَمْرًا بدرْهَمٍ فَأَبَي مَوْلَايَ أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ: خُذْهُ وأَعْطِهَا دِرْهَمًا فإنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَمْرٌ، فَكَأَنَّهُ أَبَي فَقُلتُ: أَلَا "تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قُلتُ هَذَا عَلِيٌّ أَميرُ الْمُؤمنيِنَ (*)، قَالَ: مَا أرْضَانِي عَنْكَ إذَا وَفَّيْتَهُمْ، ثُمَّ مَرَّ مُجْتَازًا بِأَصْحَابِ التَّمْرِ فَقالَ: أطعِمُوا الْمِسْكِينَ يَرْبُو كَسْبُكُمْ، ثُمَّ مَرَّ مُجْتَازًا حَتَّى انْتَهى إلى أصْحَابِ السَّمَكِ فَقَالَ: لَا يباعُ فِي سُوقِنَا طَافٍ، ثُمَّ أَتَي دَارَ بزاز وهي سُوقُ الْكَرَابيسِ فَقَالَ: يا شَيْخُ! أَحْسِنْ بَيعي فِي قَمِيصٍ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَلَمَّا عَرَفَهُ لَمْ يَشْتَرِ منْه شيْئًا، ثُم أَتَى آخَرَ فَلَمَّا عَرَفَهُ لَمْ يَشْتَرِ منْه شَيْئًا، ثُم أَتَى غُلَامًا حَدَثًا فاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِثَلاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَبِسَهُ ما بَيْنَ الرُّسْغَيْنِ إلى الْكَعْبَينِ، فَجاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ، فَقِيلَ إنَّ إبْنَكَ بَاعَ مِنْ أَمِيرِ المؤمِنينَ قَميصًا بِثَلاثَةِ دَرَاهمَ، قَالَ: فَهَلَّا أَخَذْتَ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ؟ فَأَخَذَ الدِّرْهَمَ ثُمَّ جَاءَ إلى عَليٍّ فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذَا الدِّرْهَمَ، قَالَ: مَا شَأنُهُ؟ قَالَ: كَانَ قَمِيصًا ثَمَن دِرْهَمٍ (* *) بَاعَكَ ابْنِي بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، قَالَ: بَاعَنِي رِضَايَ وَأَخَذَ رِضَاهُ".
. . . .