"عن محمد بن إِدريس الشافعىِ، عن يحيى بن سليم عن عبد الله بن جعفر، عن علىِّ بن أَبى طالبٍ أَنَّهُ خطبَ النَّاسَ يومًا فقال في خُطْبتِهِ: وأعجبُ مَا فِى الإنسانِ قَلْبُهُ وله مَوَادٌ من الحكمة وأَضدادٌ من خلافها،
فإن شيخ (سَنَحَ) له الرجاء أو لمعه (لهه) الطمعُ. وإِن هَاجَ به الطَّمَعُ أَهَلَكهُ الحرصُ، وإن هلَكَهُ (مَلَكهُ) اليأس قتله الأسف، وإِنْ عُرِضَ له الغضبُ اشتدَّ به القنط (الغيظُ) وإِن اشتد (أُسعدَ) بالرضى (بالرضا) نَسىَ التحفظَ، وإِنْ نالَهُ الخوفُ شَغَلَهُ الحزْنُ، وإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَصَمَهُ الجَزَعُ، وإن أفادَ مالًا أطغاهُ البغىُ، وإِنْ عضَّته فَاقَةٌ شَغَلَهُ البلاءُ، وإن أَجْهَدهُ الجوعُ قَعَدَ بِه الضَّعْفُ، فَكُلُّ تَقَصيرٍ بِهِ نصر (مُضِرٌّ)، وكُلُّ إِفراطٍ لَهُ مُفْسِدٌ، قَالَ: فَقَامَ إِليهِ رَجُلٌ مِمَّنْ كانَ شَهَدَ مَعَهُ الجملَ، فقال: يا أَميرَ المؤْمنينَ: أخبرنا عَنِ القَدَرِ؟ قال: بيت مظلم فلا يدخله (بحر عميق فلا تَلِجْه) (*)، قَالَ يا أَمِيرَ المؤْمنينَ: أَخْبِرنَا عن القَدَرِ (* *)؟ قال: ستر الله (سر الله) فلا تَتَكَلْفه، قَالَ يَا أَميرَ المؤْمنين: أَخبرنَا عَنِ القدَرِ؟ قال: أَما إِذ أَبَيْتَ فإِنَّهُ أَمرٌ بين أَمْرَينِ لا جَبْرٌ وَلا تَفْويِضٌ، قَالَ يَا أَمِيرَ المؤْمنينَ: إِنّ فُلانًا يَقُولُ: يقول بالاستطاعة وهو حاضره (حاضِرُكَ)، فقال: على به فَأقامُوهُ، فلما رآه سَلَّ سَيْفَه قدرَ أَربعِ أَصَابعَ فقال الاِستطاعة تملكها مع الله أَوْ مِنْ دُونِ الله، وإِيَّاكَ أَنْ تَقُول أَحدهما فَتَرْتَدَّ فَأَضربَ عُنُقَكَ، قال: فَمَا أَقُولُ يا أَميرَ المؤمنينَ؟ قال: قُلْ أملكها بِالله الَّذِى إِنْ شاءَ مَلَّكَنِيهَا".