"عن عَلِىٍّ: أنَّه خَطَب النَّاسَ فَحَمِدَ الله وأَثْنَى عَلَيهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ! فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَدْبَرَت وأَذِنَتْ بِوَداعٍ، وإِن الآخِرَةَ قَد أَقْبَلَتْ، وأشْرَفت بِاطَّلَاعٍ، وإِن الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ، وَغَدًا السباقُ. أَلَا وإنَّكُم فِى أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ ورائه أَجَلٌ، فَمَنْ قَصَّرَ فِى أَيَّامِ أَمِلِهِ قَبْلَ حُضُور أَجَلِهِ فَقَدْ خَيَّبَ عَمَلهُ، أَلَا! فَاعْمَلُوا فِيهِ في الرَّغْبةِ كمَا تَعْمَلُون لَهُ فِى الرَّهْبةِ، أَلَا! وَإنِّى لَمْ أرَ كالْجَنَّةِ نَائِمٌ طالبُهَا وَلَم أَر كَالنَّارِ نَائِمٌ هَارِبُهَا، أَلَا! وَإِنَّهُ مَنْ لَم يَنْفَعْهُ الْحَقُّ ضَرَّه الْبَاطِلُ وَمنْ يَسْتَقِم بِهِ الهُدَى جَارَ بِهِ الضَّلَال، أَلَا! وإنَّكُم قَدْ أُمِرْتُم بِالظعْنِ ودُلِلْتُم عَلَى الزَّادِ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّما الدُّنْيَا عَرضٌ حَاضِرٌ يَأكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ والفَاجِرُ، وإنَّ الآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ، يَحْكمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، ألا! وإنَّ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} أَيُّهَا النَّاسُ أَحْسِنُوا فِى عُمرِكُم، تُحْفَظُوا فِى عَقبكُم، فإنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى وعَدَ جَنَّتَهُ مَنْ أَطَاعَهُ، وأَوْعَدَ نَارَهُ مَنْ عَصَاهُ، إِنَّهَا نَارٌ لَا يَهْدأُ زَفِيرُهَا، وَلَا يُفَكُّ أَسِيرُهَا وَلَا يُجْبَرُ كَسِيرُهَا، حَرُّهَا شَدِيدٌ، وَقَعْرُهَا بَعِيدٌ، ومَاؤُهَا صَدِيدٌ، وإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اتِّبَاعَ الهَوَى وَطولَ الأَمَل".
Add your own reflection below:
Sign in with Google to add or reply to reflections.