" عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ. جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلىٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَة قَدْ رَفَعْتُهَا إِلَى الله قَبْلَ أَنْ أَرْفَعَها إِلَيْكَ، فَإِنْ أنْتَ قَضَيْتَهَا حَمدْتُ الله وَشَكَرْتُكَ، وِإنْ أَنْتَ لَمْ تَقْضِهَا حَمِدْتُ الله وَعَذَرْتُكَ، فَقَالَ عَلِىٌّ: اكْتُبْ عَلَى الأرْضِ فَإِنِّى أكرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِى وَجْهِكَ، فَكَتَبَ: إِنِّى مُحْتَاجٌ. فَقَالَ علىٌّ: عَلَىَّ بحُلَّةٍ فَأُتىَ بهَا فَأخَذَهَا الرَّجُلُ فَلَبِسَهَا ثُمَّ أنشَأَ يَقُولُ:
كسَوْتَنى حُلَّةً تَبْلَى مَحَاسِنُها ... فَسَوْفَ أَكسُوكَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَا حُلَلاَ
إِنْ نلْتَ حُسْنَ ثَنَاىَ نلتَ مَكْرُمَةً ... وَلَسْتَ تَبْغِى بِمَا قَدْ قُلتُه بَدَلاَ
إِنَّ الثَّنَاءَ لُيحْي ذِكْرَ صَاحِبِهِ ... كالغَيث يُحْيى نَدَاهُ السَّهْلَ والجَبَلاَ
لاَ تَزْهَدِ الدَّهْرَ فِى خَيْرٍ تُواقِعُهُ ... فَكُلُّ عَبْدٍ سَيُجْزَى بالَّذِى عمِلاَ
فَقَالَ عَلِىٌّ: عَلَىَّ بِالدَّنانِيرِ، فَأُتِىَ بِمَائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَها إِلَيْهِ، قَالَ الأصبَغُ: فَقُلتُ: يا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ! حُلَّةٌ وَمِائةُ دِينَارٍ؟ قَالَ: نعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: (أَنْزِلُواْ النَّاسَ منَازِلَهُمْ) وَهَذِهِ مَنْزِلَةُ هذَا الرَّجُلِ عِنْدِى ".