"عنْ على فِى قَوْلِه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} وَجَدُوا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةً، يَخْرُجُ مِنْ أَصْلهَا عَيْنَانِ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَيْهِمَا، فَكَأَنَّما أمِرُوا بِهَا، فَاغْتَسَلُوا. وَفى رِوَايَةٍ: تَوَضَّؤُوا بِهَا. فَلاَ تَشْعَثُ رُؤُسُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا،
وَلاَ تُغَيَّرُ جُلُودُهُمْ بَعْدَ ذَلكَ أَبَدًا، كَأَنَّما ادَّهَنُوا بِالدّهانِ، وَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نُضْرَةُ النَّعِيم، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الأُخْرَى فَشَرِبُوا مِنْها فَطَهَّرَتْ أَجْوَافَهُمْ فَلاَ يَبْقَى فِى بُطُونِهِمْ قَذًى، وَلاَ أَذىً ولاَ سُوءًا إِلاَّ خَرَجَ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْجنَّةِ {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} وَتتَلَقَاهُمُ الْوِلْدَانُ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ، وَكَاللُّؤلُؤِ الْمَنْثُورِ، يُخْبرُونَهُمْ بِمَا أَعَدَّ الله لَهُمْ يُطَيِّفُونَ بِهِمْ، كَمَا يُطَيِّفُ وِلْدَانُ أَهْلِ الدُّنْيا بالْحَمِيم، يَجِئُ مِنَ الْغَيْبَةِ يَقُولُونَ: أَبْشِرْ أعَدَّ الله لَكَ كَذَا، وَأعَدَّ لَكَ كَذَا، ثُمَّ يَذْهَبُ الْغُلاَمُ فِيهِمْ إِلَى الزَّوْجَةِ مِنْ أَزوَاجِهِ فَيَقُولُ: قَدْ جَاءَ فُلاَنٌ بِاسْمِهِ يدعى به في الدنيا، فيستخفوها الفرح حتى تقوم عَلى أسْكِنَةِ بَابِهَا، فَيَقُولُ: أَنْتَ رَأيْتَهُ فَيَجئُ، فَيَنْظُرُ إِلَى تَأسِيس بُنْيَانِه عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤلُؤِ مِنْ أخْضَر وَأصفَرَ وأَحْمَرَ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَإِذَا زَرَابِىُّ مَبْثوثَةٌ، وَنمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وأَكْوابٌ مَوْضُوعةٌ ثم يرْفَعُ رَأسَهُ فَيَنْظُرُ إِلَى سقْفِ بِنَائِهِ فَلَوْلاَ أَنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَخَّرَ ذَلِكَ لَهُ لأَلمَّ (*) أَنْ يَذْهَبَ بِبَصَرِهِ، إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ الْبَرْقِ، ثُمَّ يَتَّكِئُ عَلَى أَرِيكَةٍ من آرائكه ثم يقول: الحمد لله الذى هدانا لهذا - الآيَة ".