"عَنْ عَلِىٍّ قَالَ: بَعَثنِى رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ، فَإِنِّى لأَخْطبُ يَوْمًا عَلَى النَّاسِ وَحَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَاقِفٌ فِى يَدِهِ سفْرٌ يَنْظُرُ فِيهِ، فَنَادَانِى فَقَالَ: صِفْ لَنَا أَبَا الْقَاسِم، فَقَالَ عَلِىٌّ: رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلاَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِن، وَلَيْسَ بِالْجَعْد القَطَطِ، وَلاَ بِالسَّبْط، هُوَ رَجِلُ الشَّعَرِ أَسْوَدُهُ، ضَخْمُ الرَّأسِ، مُشْربٌ لَوْنُهُ بِحُمْرَةٍ، عَظِيمُ الْكَرادِيسِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، طَوِيلُ الْمَسْرُبَة، وَهُوَ الشَّعَرُ الَّذِى يَكُونُ فِى النَّحْرِ إِلَى السُّرَّةِ، أَهْدَبُ الأَشْفَارِ، مَقْرونُ الْحَاجِبَيْنِ، صَلْتُ الْجَبِينِ، بَعْيدُ مَا بَينَ
الْمَنْكبَيْنِ، إِذَا مَشَى يَتَكَفَّأُ كَأَنَّمَا يَنْزِلُ مِنْ صَبَبٍ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ أَرَ بَعْدَهُ مثْلَهُ، قَالَ عَلِىٌّ: ثُمَّ سَكَتُّ، فَقَالَ لِىَ الحَبْرُ: وَمَاَذا؟ قَاَل عَلِىٌّ: هَذَا مَا يَحْضُرُنِى، قَالَ الْحَبْرُ: فِى عَيْنَيْه حُمْرَةٌ، حَسَنُ اللِّحْيَةِ، حَسَنُ الفَمِ، تامُّ الأُذُنَيْنِ، يُقْبِلُ جَمِيعًا، وَيُدْبِرُ جَميعًا، فَقَالَ عَلِىٌّ: هَذِهِ وَاللهِ صِفَتُهُ قَالَ الْحَبْرُ: وَشَئٌ آخَرُ، قَالَ عَلِىٌّ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ الْحَبْرُ: وَفِيهِ حَيَاءٌ، قَالَ عَلِىٌّ: هُوَ الَّذِى قُلْتُ لَكَ كَأَنَّمَا يَنْزِلُ مِنْ صَبَبٍ، قَالَ الْحَبْرُ: فَإِنِّى أَجِدُ هَذِهِ الصِّفَةَ فِى سِفْرِ آبائى، وَنَجِدُهُ يُبْعَثُ مِنْ حَرَمِ اللهِ وَأَمْنِهِ وَمَوْضِعِ بَيْتِهِ، ثُمَّ مُهَاجِرٌ إِلَى حَرَمٍ يُحَرمُهُ هُوَ، وَيَكُونُ لَهُ حُرْمَةٌ كَحُرْمَةِ الْحَرَمَ الَّذِى حَرَّمَ الله، وَنَجِدُ أَنْصَارَهُ الَّذِينَ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ قَوْمًا مِنْ وَلَد عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ أَهْلَ نَخْلٍ، وَأَهْلُ الأَرْضِ قَبْلَهُمْ يَهُودُ، قَالَ عَلِىٌّ: هُوَ هُوَ، فَقَالَ الْحَبْرُ: فَإنِّى أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِىٌّ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، فَعَلَى ذَلِكَ أَحْيَا، وَعَلَيْهِ أَمُوتُ، وَعَليْهِ أُبَعَثُ إِنْ شَاءَ الله".