"عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ: لأَىِّ شَىْءٍ سُمِّيتَ الْفَارُوقَ؟ قَالَ: أَسْلَمَ حَمْزَةُ قَبْلِى بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ شَرَحَ اللهُ صَدْرِى للإِسْلَامِ فَقُلْتُ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى، فَمَا فِي الأرْضِ نَسَمَةٌ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَسَمَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ؟ قَالَتْ أُخْتِى: هُوَ فِي دَارِ الأَرْقَمِ بْنِ الأَرْقَمِ عِنْدَ الصَّفَا، فَأَتَيْتُ الدَّارَ وَحَمْزَةُ فِي أَصْحَابِهِ جُلُوسٌ فِي الدَّارِ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْبَيْتِ، فَضَرَبْتُ الْبَابَ فَاسْتَجْمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُمْ حَمْزَةُ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَخَرَجَ رَسُول اللهِ ﷺ فَأَخَذَ بَمَجَامِعِ ثِيَابِى، ثُمَّ نَثَرَنِي نَثْرَةً فَمَا تَمَالَكْتُ أَنْ وَقَعْتُ عَلَى رُكْبَتَىَّ، فَقَالَ: مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ؟ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ، فَكَبَّرَ أَهْلُ الدَّارِ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ المَسْجِد، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتْنَا وَإِنْ حَيِينَا؟ قَالَ: بَلَى، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتُّمْ وَإِنْ حَيِيتُمْ، قُلْتُ: فَفِيمَ الاخْتفَاءُ؟ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَتَخْرُجَنَّ، فَأَخْرَجْنَاهُ فِي صَفَّيْنِ: حَمْزَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَأَنَا فيِ الآخَرِ، لَهُ كَديدٌ (*) كَكَدِيدِ الطَّحِينِ حَتَّى دَخَلْنَا المَسْجِدَ، فَنَظَرْتُ إِلَى قُرَيْشٍ وَأَتَى حَمْزَةُ فَأَصَابَتْهُمْ كَآبَةٌ لَمْ يُصِبْهُمْ مِثْلُهَا، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ الْفَارُوقَ، وَفرَقَ الله بِي بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ".