"عن عبد الله بن عبد العزيز (وكان شيخًا ثقة) قال: بَعَثَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مُحمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ إلَى عَمْرِو بنِ العاصِ، وَكَتَب إلَيْه: أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكُم مَعْشَرَ العُمَّالِ قَعَدتُم عَلَى عُيونِ الأمْوالِ فَجَبَيْتُمُ الْحَرامَ، وَأكَلْتُمُ الحَرَامَ وَأورَثْتُم الحَرَامَ، وَقَد بُعِثَ إلَيكُم مُحمَدُ بنُ مَسْلَمَةَ الأنْصَارِىُّ فَيُقَاسِمُكَ مَالَك، فَأحْضِرْهُ مَالَك، والسَّلامُ، فَلَمَّا قَدِمَ
مُحمدُ بنُ مَسْلَمَةَ مِصْرَ أَهْدَى إلَيْه عَمْرُو بنُ العاصِ هَدِيَّةً فَرَدَّهَا عَلَيْه، فَغَضِبَ عَمْرٌو وَقَال: يَا مُحمَّدُ لِمَ أَرْدَدْتَ إليَّ هَديَّتى وَقد أَهْدَيْتُ إلَى رسُولِ الله ﷺ مَقْدَمِى مِنْ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسلِ فَقَبِلَ؟ فَقَالَ لَهُ مُحمدٌ: إِنّ رسُولَ الله ﷺ كَانَ يَقْبَلُ بالْوَحْىِ مَا شَاءَ وَيَمْتَنِعُ ممَّا شَاءَ، وَلَوْ كَانَتْ هَدِيَّةُ الأخِ لأخِيهِ قَبِلْتُهَا، وَلِكنَّهَا هَدِيَّهُ إِمَامِ شَرٍّ خَلَّفَهَا، فقَالَ عَمْروٌ: قَبَّحَ الله يَوْمًا صِرْتُ فِيهِ لِعُمرَ بنِ الخَطَّابِ وَاليًا، فَقَدْ رَأَيْتُ العَاصَ بنِ وَائلٍ يَلْبَسُ الدِّيبَاجَ الْمُزَرَّرَ بالذَّهَبِ، وإِنَّ الْخَطَّابَ بنَ نُفَيلٍ لَيَحْمِلُ الحَطَبَ عَلَى حِمَارٍ بِمَكَّة، فَقَالَ لَه مُحمدُ بنُ مَسْلَمةَ: أَبوكَ وَأَبوهُ فيِ النَّارِ، وَعُمَرُ خَيرٌ مِنْكَ، وَلَوْلاَ اليَوْمُ الَّذىِ أَصبْحَتَ تَذُمُّ لأَلْفِيتَ مُعْتَقِلًا أَعْنُزًا يَسُرُّكَ غَزِرُها ويَسُوءُكَ بَكْرُهَا، فَقَال عَمْروٌ: هىَ فَلْتَةُ المُغْضَب وهىَ عِنْدكَ بَأمانَةٍ، ثمَّ أحْضَر مَالَه فَقَاسَمَهُ إيَّاه، ثمَّ رَجَعَ".