"سيف بن عمر، عن أبى ضمرة وابن عمر وغيرهما عن الحسن بن أبى الحسن قال: ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا قَبْلَ وَفاتِهِ عَلَى أَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ وَفِيهمْ عُمَرُ بْنُ اْلخَطَّابِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أسَامَةَ بْنَ زَيْد فَلمْ يُجَاوِزْ آخِرُهُمُ الخنْدَقَ حَتَّى قُبِضَ رَسُول اللهِ ﷺ فَوَقَفَ أُسَامَةُ بِالنَّاسِ ثمَّ قَال لِعُمَر: ارجِعْ إِلَى خَلِيفَةِ رَسُول اللهِ ﷺ فاسْتَأذِنْهُ يَأذَنْ لِى فَأَرْجِعَ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ مَعِى وُجُوهَ النَّاسِ وَلا آمَنُ عَلَى خَلِيفَةِ رَسولِ اللهِ ﷺ وثقل رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَثْقَال المُسْلِمِينَ أَنْ يَتَخَطَّفَهُمْ اْلمُشْرِكُونَ، وَقَالَتِ الأَنْصَارُ فَإِنْ أبَى أَنْ لَا يَمْضِى فَأَبْلِغْهُ عَنَّا وَاطْلُبْ إِلَيْهِ أنْ يُوَلِّىَ أَمْرَنَا رَجُلًا أَقْدَم سِنًا مِنْ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ عُمَرُ بِأَمْرِ أُسَامَةَ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَأَخبَرَهُ بِمَا قَالَ أُسَامَةُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوِ اخْتَطَفْتَنِى الكِلَابُ وَالذِّئابُ لَمْ أَرُدَّ قَضَاءً قَضَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ ، قَالَ: فَإِنَّ الأَنْصَارَ أَمَرُونِى أَنْ أُبلِغَكَ أَنَّهُمْ يَطلُبُونَ إِلَيْكَ أنْ تُوَلَّىَ أُمْرَهُمْ رَجُلًا أَقْدَمَ سِنًا مِنْ أُسَامَة، فَوَثَبَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ جَالِسًا فَأَخَذَ بِلِحْيَةِ عُمَرَ وَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَعَدِمَتْكَ يَا بْنَ الخَطَّابِ، اسْتَعْمَلَهُ رَسولُ اللهِ ﷺ وَتَأمُرُنِى أَنْ أَنْزِعَهُ، فخَرَجَ عُمَرُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ امْضُوا ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ مَا لَقِيتُ فِى سَبَبِكُمْ الْيَوْمَ مِنْ خَلِيفَة رَسُولِ اللهِ ﷺ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَتَاهُمْ فَأَشْخَصَهُمْ وشَيَّعَهُمْ وَهُوَ مَاشٍ وَأُسَامَةُ رَاكِبٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَقُودُ دَابَّةَ أبِى بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ لَتَرْكَبَنَّ أَوْ لأَنْزِلَنَّ؟ فَقَالَ وَاللهِ لَا تَنْزِل وَوَاللهِ لا أَرْكَب، وَمَا عَلَىَّ أَنِ اغْبَرَّت قَدَمِى سَاعةً فِى سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّ لِلْغَازِى بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائَةِ حَسنَةٍ تُكْتَبُ لَهُ وَسَبْعَمِائَة دَرَجَةٍ تُرْفَعُ لَهُ وَيُمْحَى عَنْهُ سَبْعُمِائَةِ خَطِيئَةٍ، حتَّى إِذَا انْتَهَى، قَالَ لَهُ: إِنْ رأَيْتَ أَنْ تُعينَنِى بعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَافْعَلْ، فَأَذِنَ لَهُ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: قِفُوا
أُوصِيكُمْ بَعشْرٍ فَاحْفَظُوهَا عَنِّى: لَا تَخُونُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا طِفْلًا صَغِيرًا، وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تُتْلِفُوا نَخْلًا، وَلَا تَحْرِقُوهُ، وَلَا تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً، وَلَا تَذْبَحُوا شَاةً، وَلَا بَقَرَةً وَلَا بِعيرًا إِلَّا لِمَأكَلَةٍ، وَسَوْفَ تَمُرُّونَ بأَقْوَامٍ قَدْ فَرَّغُوا أَنْفُسَهمْ فِى الصَّوَامِع فَدَعُوهُمْ وَمَا فَرَّغُوا أَنْفُسهُمْ لَهُ، وَسَوْفَ تَقْدمُونَ عَلَى أَقوَامٍ يَأتُونَكُمْ بِآنِيَةٍ فِيهَا أَلْوَانُ الطَّعَامِ، فَإِذَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَىْءٍ فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، وَسَوْفَ تَلْقَوْنَ أَقْوَامًا قَدْ فَحصُوا أَوسَاطَ رُءُوسهِمْ وَتَرَكُوا حَوْلَهَا مِثْلَ العصائب فَاخْفِقُوهُمْ بِالسُّيُوفِ خَفْقًا، اندَفِعُوا بِاسْمِ اللهِ، أفْنَاكُمُ اللهُ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ".